يواجه مريض الربو عدداً لا يحصى من العوامل و المواد في حياته اليومية التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في تحفيز نوبة ربو، فمواد التنظيف المستخدمة بشكل يومي و العطور قد تتسبب في ذلك، و قد تنتج النوبات عن تحسس من فراء الحيوانات أو فضلاتها أو من حبوب الطلع, العفن أو غيرها، حتى الطقس و حالة الجو قد يغدوا قادر على تحفيز مثل هذه النوبات، فيلاحظ كثرة تكرار هذه النوبات في فصول معينة دوناً عن غيرها، أهمها و أشهرها ارتباطاٌ بالربو هما فصلي الخريف و الشتاء، خاصةً عند الأطفال.
يعتقد بعضالاشخاص أن فصل الشتاء سيقلل من أعراض الربو من خلال التقليل من الملوثات العالقة بالجو، و لكن ما يحصلعلىالواقع مغايرلذلك، فمن الملحوظ أن هناك زيادة كبيرة في نوبات الربو خلال فصل الشتاء، وقد وثق علميا ازدياد حالات الربو في عدد من المدن الغربية بصورة كبيرة وبائية وتمت دراسة هذه الظاهرة بصورة علمية موثقة في عدد من المدن الغربية.ففي دراسة نشرت في"مجلة الحساسية و المناعة السريرية"في عام 2005، لاحظ العلماء ازدياداً ملحوظاً في أعداد الأطفال المدخلين إلى غرف الطوارئ لعلاج حالات ربو حادة في كندا خلال الفترة بين 10 و 30 سبتمبر، الأمر الذي جعل العلماء يطلقون على هذه الظاهرة اسم "وباء سبتمبر".
الأسباب المحتملة:
- تعزى هذة الظاهرة إلى عدة عوامل، أهمها هما عاملي الهواء البارد و التهابات المجاري التفسية العلوية؛ فالهواء البارد قادر بحد ذاته على تحفيز نوبة ربو عند بعض المرضى، حيث يعتقد أنه يعمل على تحفيز منبهات عصبية في الرئة و التي بدورها تعمل على تفعيل عملية الالتهاب و حدوث تضيق في القصبات و ما يتبعه من أزيز و ضيق في التنفس.
- من جهة أخرى، تلعب التهابات المجاري التنفسية الدور الأكبرفي التسبب بحدوث نوبة الربو، ففي فصلي الخريف و الشتاء، تكثر حالات الإصابة بالزكام و الانفلونزا و النزلات الصدرية، و التي تعزى في أغلبها إلى الفيروسات، و يترافق مع ذلك بدء الموسم الدراسي و انخفاض حرارة الجو و ما يترتب عليه من تشغيل لأنظمة التدفئة و عزل الهواء الخارجي، مما يعني عدم تجديد الهواء في البيوت و الغرف، الأمر الذي يساعد على انتقال العدوى بشكل سريع، و قد يصعب السيطرة عليه، خاصة بين الأطفال في سن
الدراسة.
مما سبق، يبدوا أنه من الصعب تجنب التعرض لهذه العوامل، إلا أن هناك طرق للحفاظ على صحة و سلامة مريض الربو خلال فترة الشتاء، من بين أهمها :السيطرة على أعراض الربو البسيطةقبلتطورها إلى مشاكل أخرى. على الرغم من بساطة هذا المبدأ إلا أنه في غاية الأهمية، فقد أوصى به معهد القلب والرئة والدم الوطني الأمريكي (NHLBI) وضمه إلى المبادئ التوجيهية الجديدة التي وضعها في آب 2007 لمواجهة الربو، فمراقبة و السيطرة على الأعراض التي قد يعاني منها المريض، مهما كانت بسيطة، بشكل يومي يساعد على تجنب حصول نوبات قوية تستدعي مراجعة الطبيب و تقلل من إحتمالبة حصولها في المستقبل.
كيف يمكن السيطرة على الربو:
- إن أفضل طريقة للسيطرة على هذه الأعراض هو المواظبة و الالتزام بأدوية الربو الموصوفة، فمن الملاحظ أن كثيراً من المرضى يشعرون بتحسن في فصل الصيف، حيث تقل النوبات التي تصيبهم و تقل حدة الأعراض، فيبدأون بترك أدويتهم أو عدم الانتظام عليها، الأمرالذي يجعلهم أكثر قابلية للإصابة بالنوبات مع حلول فصل الخريف.
- طريقة أخرى لتجنب المشاكل،خلال فصل الشتاءأو في أي وقت، هو كتابة "خطة عمل" والالتزام بها، و هي مجموعة ارشادات تساعد في تمييز و مواجهة الأعراض:
- خطة العمل:
قد يساعد عمل "خطة لمواجهة الربو" و الالتزام بها في تجنب مشاكل الشتاء هذه؛ و هي مجموعة ارشادات تساعد المريض أو ولي
أمره في مواجهة الأعراض التي قد يتعرض لها:
أولا: يجب أن تحتوي الخطة على قائمة متجددة بالعوامل التي لوحظ بأنها قد تحفز نوبات ربو عند المريض و التي يجب عليه تجنبها، و تختلف هذه العوامل من مريض لآخر، مثل الأبخرة أو العطور أو غيرها .
كما يجب أن يسجل فيها مجموعة الأعراض المحددة التي تنذر ببدء النوبة عند المريض؛ مثل السعال أو الأزيز أو ضيق التنفس.
و أخيراً يجب أن تحتوي على قائمة الأدوية التي يتناولها المريض مرفقة بالأعراض و الاستخدامات التي يستخدم لها كل علاج و على الإجراءات التي يجب اتخاذها و الأدوية التي يجب تناولها في الحالات الطارئة، كما يجب على المريض أن يحتفظ بالأدوية أو البخاخات سريعة المفعول قريباً منه أو في متناول اليد.
لمقاومة الزكام و الانفلونزا:
- مطاعيم الانفلونزا السنوية: و هي مطاعيم تحتوي عادة على ثلات أنواع من فيروسات الانفلونزا و التي يعتقد العلماء بأنها ستكون الأكثر انتشاراً في الموسم المقبل، مناسبة للأطفال من عمر ال 6 أشهر فما فوق و للبالغين. يُنصح مريض الربو باستشارة طبيبه المعالج و مناقشة إمكانية الحصول عليه، ويفضل أخذ المطعوم بالحقن و تجنب البخاخ النفي في مرضى الربو إذ من الممكن أن يسبب لهم مضاعفات أخرى. يجب أخذ هذه المطاعيم بعد استشارة الطبيب.
- مطعوم الالتهاب الرئوي: ينصح بسؤال الطبيب عن امكانية الحصول على مثل هذا المطعوم و مدى حاجة المريض له، و يوفر المطعوم للمريض مناعة ضد البكتيريا العقدية الرئوية المسببة لالتهاب الرئة، و يؤخذ المطعوم مرة واحدة فقط، كما يتوافر مطعوم آخر
مناسب للأطفال دون سن الثانية.
- تجنب الاختلاط بالمرضى: قد يبدو الأمر صعباً خاصة في أطفال المدارس و في ظروف الشتاء، و لكن تجنب التلامس المباشر و التزام قواعد النظافة الشخصية قد تساعد، كما قد يلجأ بعض المرضى لاستخدام وسائل عزل مثل أقنعة الوجة أو ارتداء الأوشحة أو غيرها إذا كان تجنب الاشخاص المرضى من حولهم صعباً.
- غسل اليدين جيداً وبكثره و تجنب لمس العينين و الأنف و الفم، و احمل معك دائماً معقم يدين و استخدمه باستمرار.
في حالة حصول إصابة بالزكام أو الانفلونزا:
في بعض الأحيان، و حتى مع اتخاذ تدابير وقائية، فإن التقاط عدوى الزكام أو الانفلونزا يغدو أمراً لا مفر منه، في هذه الحالة قد تساعد الخطوات التالية في منع تطور حالة الربو أو حصول مضاعفات خطيرة:
-في حال شعور المريض بتصاعد أعراض الربو فيجب الاتصال بالطبيب؛ فهو قادر على تحديد نوع العدوى و على وصف علاجات لها أو تساعد المريض على التحسن السريع، وكلما كان التعامل مع الحالة أسرع كلما تجنب المريض حدوث مضاعفات أخرى .
- الإلتزام "بخطة العمل": فعند ملاحظة أعراض معينة تساعد خطة العمل على تحديد علاج الربو المناسب لها.
- الراحة و الاكثار من شرب السوائل: تتوافر في الصيدليات العديد من العلاجات المخففة لأعراض الربو، و لكن ليست كل هذه العلاجات مناسبة لمريض الربو؛ فمثلاً مضادات الالتهابات و المسكنات المختلفة مثل الأسبرين و الباراسيتامول قد تسبب تفاقماً في أعراض الربو في بعض المرضى، و قد تسبب مضادات الاحتقان، في حال استخدامها المتزامن مع موسعات القصبات، خفقاناً في القلب، كما أظهرت بعض الدراسات أنها (خاصة المحتوية على مادة السودوإفدرين) تسبب جفافاً في المجاري التنفسية الأمر الذي قد يزيد من حدة أعراض المريض، لذا وقبل استخدام أي مستحضر، يجب سؤال الطبيب او الصيدلاني.
- في حال وجود أعراض حادة أو شديدة، فيجب مراجعة مستشفى أو مركز صحي مناسب؛ مثل ارتفاع الحرارة (خاصة في الاطفال) و القشعريرة أو الشعور بألم مرافق للتنفس العميق أو السعال المصحوب بقشع أصفر مخضر أو أحمر، فهذه الأعراض قد تدل على وجود التهاب رئوي حاد.